2011-06-07
حضرت يوم أمس اجتماعاً ضم أكثر من مئة من موظفي عشرة من الهيئات والمؤسسات المستقلة الستين التي طالها "سلبياً" قرار هيكلة الرواتب وقد أعلنوا فيه عن تنظيم احتجاجاتهم ضد القرار.
تفحصت وجوه الحاضرين, لا يبدو النعيم واضحاً على أغلبها. لقد تبين بعد قليل أن في هذه المؤسسات صنفين من الموظفين: الأول يضم فئة كبار الموظفين والمستشارين والمفوضين والموظفين بعقود خاصة, وهؤلاء لم يكونوا بين الحضور, والثاني يضم موظفين متوسطي الرواتب, وهي عموماً أعلى من رواتب زملائهم في الوظائف المماثلة في جهاز الدولة, لكنها لا تصنف ضمن ما يعرف بالرواتب "الخيالية", ودعوني أستدرك هنا لأقول إنها قد تكون خيالية بالنسبة للموظفين الآخرين في باقي الوزارات ولكنها ليست خيالية بمقياس الدخول عموماً. إن فيها إلى جانب الراتب بعض الامتيازات, ولكنها لا تقارن برواتب علية الموظفين في ذات المؤسسات.
قبل الذهاب إلى الاجتماع أجريت مكالمة مع الصديق النقابي المعلم مصطفى الرواشدة سألته عن موقف المعلمين من قرار الحكومة الذي يطال إيجابياً أكثر من تسعين ألف معلم في مدارس الحكومة إلى جانب أكثر من مئة ألف موظف في باقي الوزارات. الرواشدة أكد لي أن الإجراء مفيد للمعلم غير أنه أوضح بالمقابل أن ترحيبه بالعدالة للمعلمين لا يعني موافقته على الإضرار بالموظفين الآخرين ذوي الرواتب المتوسطة. إن موقف مصطفى الرواشدة هذا يمثل بعداً أخلاقياً معروفاً عند "فقراء القطاع العام" وخاصة المعلمين, وللأسف فإن شيئاً من هذا القبيل لم يرد في اجتماع المحتجين أمس, وهذه ملاحظة أذكرها هنا على الهامش فقط رغم أهميتها.
على العموم, من الواضح أننا أمام مشكلة قد تكبر في الأيام المقبلة, والحكومة قالت إن قرارها يمس خمسة آلاف فقط من أصحاب الرواتب العالية وهو ما لم يصدقه المحتجون وبعضهم أعلن استعداده للمجادلة والتوضيح والإثبات, وهم تحدثوا عن غموض وضبابية في القرار.
إذا كانت الحكومة واثقة من قرارها, وواثقة من بقائها حتى إتمامه أو واثقة من أن حكومة قادمة لن تلغيه, فعليها أن توضحه وتشرحه جيداً للجميع وتبحث في التطبيق عن أقصى درجات الإنصاف, وإلا فإنها تكون قد أدخلت القطاع العام في أزمة جديدة. ولكن بكل الأحوال, يتعين على فقراء القطاع العام أن يستعدوا لمعركة اعتبار القرار حقاً مكتسباً لهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
تعليق