البوصلة ـ أوصى مركز عمان لدراسات
حقوق الإنسان بضرورة إنشاء نقابة للمعلمين في تقريره السنوي لعام
2010.
وركز هذا التقرير في القسم الأول منه
على اعطاء لمحة تمهيدية عن الحركة النقابية الأردنية في مطلع الخمسين والعوامل التي
ساهمت في نشوء هذه النقابات ودورها في المطالبة بالحريات العامة.
ويتطرق التقرير في القسم الثاني إلى
واقع المعلمين والحاجة إلى نقابة، وانعكاس الاوضاع الاقتصادية سلباً على حالة
المعلمين وحقهم في العيش بمستوى لائق وكريم، وأثر ذلك كله على مستوى أداء المعلمين
في العملية التعليمية والنهوض بها.
ويبحث التقرير في القسم الثالث في
مطالب المعلمين في تأسيس نقابة للمعلمين والتطور التاريخي لهذة المطالب، حيث بين
التقرير أن نقابة المعلمين تأسست في الخمسينات ثم حلت بقرار حكومي عام 1956، ويظهر
التقرير توالي مطالب تأسيس النقابة في الاعوام 1978 و1984 و1990، وصولا لنجاحهم في
كسب تأييد مجلس النواب لمطلبهم عام 1994، الا أن مجلس الأعيان رفض مشروع قانون
نقابة المعلمين المحول من مجلس النواب استناداً الى قرار المجلس العالي لتفسير
الدستور الذي أقر بعدم دستورية قيام نقابة للمعلمين الحكوميين.
ثم
تجددت مطالب تأسيس النقابة عام 2010 وما زال الحوار مستمراً بين الجهات الحكومية
ولجان المعلمين للمطالبة بتأسيس النقابة، حيث ما زالت الحكومة لا تستجيب لهذه
المطالب بدواعي الخوف من تسييس النقابة، وكان آخر مطلب بتأسيس النقابة قد قدم الى
مجلس النواب السادس عشر بتاريخ 3/12/2010، حيث أيده نحو 39 نائباً.
وسلط التقرير في القسم الرابع الضوء
على الحق في تكوين النقابات والانضمام اليها في المعايير الدولية كما ظهرت في دستور
منظمة العمل الدولية لعام 1919 واتفاقية الحرية النقابية وحماية حق التنظيم رقم 87
لسنة 1948، والاعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948، واتفاقية رقم 98 لسنة 1949
بشأن حق التنظيم والتفاوض، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام
1966، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1966،
والميثاق العربي لحقوق الإنسان لعام 2004.
وبين التقرير الحق في تكوين النقابات
والانضمام اليها في المعايير الدستورية وبخاصة المادة (16/2) والمادة (23) التي
تجيز الحق في تنظيم نقابي حر ضمن حدود القانون. حيث يظهر التقرير عدم وجود نص
دستوري أو نص لأي قانون آخر يمنع إنشاء نقابة معلمين أو لأي مهنة خاصة ، وبين ان
هذه النقابة كانت موجودة خلال الفترة بين 1952 و 1956، كما أظهر التقرير ان قرار
المجلس العالي لتفسير الدستور صدر بأغلبية صوت واحد، مما يظهر وجود اجتهادات
قانونية مختلفة.
وأظهر التقرير أن الحق في التنظيم
النقابي لكافة أنواع المهن ومنها مهنة التعليم انما هو حق أساس مُقر في الدستور
والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الح، ومن ثم فانه غير قابل للتعدي عليه أو
المساس به بوصفه التزاما قانونيا دوليا يسمو على أي قرار أو تشريع داخلي، كما انه
مطبق في إطار قوانين المهن المختلفة التي تشمل العاملين في القطاع العام والخاص،
علاوة على ان هذا الحق مُقر تشريعاً وممارس عمليا في الدول الغربية التي اخذ عنها
الدستور الاردني.
وتضمن التقرير الخلاصات
التالية ..
يعيش المعلمون في الأردن وضعاً
معيشياً وقانونياً صعباً يؤثر سلباً على ادائهم لمهمتهم التعليمية والتربوية
للأجيال الناشئة، ما جعلهم باحثين عن توفير الحد الأدنى من متطلبات الحياة المثقلة
بالتكاليف والمتطلبات وخصوصاً مع افتقادهم للتنظيم القانوني الذي يحفظ لهم الحد
الأدنى من الحقوق ويؤطر العلاقة التشاركية مع الأسرة والمدرسة والطالب بما يرسم
المستقبل.
ويرى مركز عمان لدراسات حقوق الإنسان
أن القوى السياسية والاجتماعية الرافضة لوجود تنظيم نقابي ومقاومة له ما تزال تبرر
ذلك بالخوف من تسييس النقابة وتحويلها إلى أطر حزبية قد تشكل في المستقبل عوامل ضغط
على الحكومات المتعاقبة نظرا لحساسية وحجم هذه الفئة من المجتمع، وبالمقابل تسمح
الحكومة لكافة طوائف المهن الأخرى ومنتسبيها بتشكيل نقاباتهم في سياسة تمييزية
تتعارض مع الحق الديمقراطي وكافة حقوق الإنسان الأخرى التي كفلتها الاتفاقيات
الدولية. كما ان التوجس الحكومي من احتمال سيطرة النقابة على المعلمين العاملين
لديها وربما تلزمهم بالاعتصام او الاضراب لقضايا مطلبية او سياسية هو امر يتجاوز
حدود العمل النقابي وفقا لما نظمته الاتفاقيات الدولية واخلاقيات المهنة ومصالح
الاعضاء المشروعة.
ويشدد مركز عمان لدراسات حقوق
الإنسان على ان المعلمين بحاجة ماسة لنقابة كحال باقي المعلمين في أغلب دول العالم
من اجل الدفاع عن حقوقهم ورعاية مصالحهم، وتحسين شروط وظروف العمل، ورفع المستوى
الثقافي والاجتماعي لهم، واتاحة الفرصة للمشاركة فى وضع وتنفيذ مناهج التعليم وخطط
وبرامج التدريب وغيرها. كما ان اعادة انتاج الصيغ التنظيمية الحكومية باشكال جدية
تحت مسميات نواد واتحادات لافراغ المحتوى النقابي يعني ان مشكلة تمثيل المعلمين
وتجسيد تطلعاتهم ونقل مطالبهم لا تزال قائمة وان الفشل سيكون مصيرها.
ويؤكد مركز عمان لدراسات حقوق
الإنسان على ان انضواء المعلمين فى هذا التنظيم النقابي حق ثابت بموجب احكام
الدستور والاتفاقيات والمواثيق الدولية والممارسة العملية في المجتمعات
الديمقراطية، كما ان تأسيس النقابة يجب ان يراعي المعايير الدولية ومنها: ان يكون
الانضمام للنقابة طوعي غير الزامي ، وان تتوافر التعددية النقابية للمعلمين.
وأخيراً يحث مركز عمان مؤسسات
المجتمع المدني على مطالبة الحكومة باحترام الدستور الذي كفل حق التنظيم النقابي،
وخصوصا ان نقابة المعلمين كانت منشأة في عقد الخمسينات من القرن الماضي وتم حلها
لأسباب سياسية تجاوزتها تطورات المملكة، وان قرار المجلس العالي لتفسير الدستور
يقبل تنوع القراءات القانونية وتسجل عليه جملة من الملاحظات التي سجلها الخبراء
القانونين عليه ليكون متوافقا مع الدستور والاتفاقيات الدولية التي انضم اليها
الأردن.
واوصي مركز عمان لدراسات حقوق
الانسان بكفالة الحق في التنظيم النقابي والحرية النقابية لكافة أنواع المهن ومنها
مهنة التعليم بوصفه حقا مكفولا في الدستور الأردني والاتفاقيات الدولية المصادق
عليها.
كما دعا الى اقتباس تجارب المجتمعات
الديمقراطية التي كفلت للمعلمين حق التنظيم النقابي سواء العاملين في القطاع العام
أو الخاص لرعاية مصالحهم وتطوير مهنتهم.
وطالب باعادة قراءة المادة 120 من
الدستور على اعتبار ان العمل النقابي لا يتعلق بصلاحية الحكومة في ادارة شؤون
موظفيها.
وحث على اعتماد مبدأ الاخطار في
إنشاء النقابات والانضمام اليها بدلا من الحصول على الترخيص.
ودعا الحكومة الى الامتناع عن التدخل
في شؤون النقابات والحد من الحقوق النقابية .
واوصى بتضمين بنود قانون نقابة
المعلمين / اتحاد المعلمين ما يبدد مخاوف الحكومات من تسيس النقابة ويحافظ على
مهنية النقابة،وتنمية قدرات المعلمين ورفع مستواهم المعيشي واعادة التقدير لمهنة
التعليم.
ودعا الى مناصرة المجتمع المدني
لقضايا المعلمين ومطلبهم في تشكيل نقابة .وحث النقابات المهنية على تبني مطالب
المعلمين في تشكيل نقابة اسوة بهم والعمل على دعمهم المباشر في الحوار مع
الحكومة.
ويذكر أن مركز عمان لدراسات حقوق
الإنسان قد درج منذ عام 2005 على اصدار تقارير سنوية متخصصة.إذ خصصت التقارير
السنوية للأعوام 2005، 2006، 2007، 2008 للحريات الصحفية في العالم العربي، بينما
خصص تقريره السنوي لعام 2009 للحق في الوصول للمعلومات في البلدان العربية، أما
تقريره السنوي السادس لعام 2010 فقد خصص لموضوع الحق في تكوين نقابة للمعلمين في
الأردن.
وسيواصل المركز سياسية اصدار
التقارير السنوية المتخصصة في موضوعات حقوقية أردنية أو عربية اسهاما منه في نشر
ثقافة حقوق الإنسان وتعزيزها وحمايتها في الأردن وفي العالم العربي.
ة /
3 / د
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
تعليق