وإننا إذ نبدأ اليوم عاماً جديداً من أعوام البناء، فإنني أعرف أن مثل هذا اليوم هو الذي ينتظره الوطن والآباء والأمهات والأبناء، فالأم التي ترسل ابنها للمدرسة لا ترسل معه مجرد حقيبة مدرسية، بقدر ما ترسل معه المستقبل، والأب الذي يودع أبناءه صباحاً، يرسل للمدرسة الأمل والغد القادم، وفي مدارسنا يقف المعلمون في انتظار وصول فلذات الأكباد.
والمعلمون هم أمناء الوطن على المستقبل وبناته، وهم الذين يديمون مواسم الأردنيين بالخير والبركة والفرح كل عام.
والتعليم الذي يستند في مرجعيته ورؤيته إلى رسالة الإسلام السمحة، وقيم العروبة والإنسانية النبيلة، هو القاعدة التي تأسس عليها هذا الوطن.
ونحن إذ نعتز بهويتنا الحضارية، فإننا ماضون في جهود الإصلاح والتطوير المستهدفة ضمان حصول أبنائنا على أفضل مستويات التعليم، وبناء قدرتهم للاستمرار في مسيرة البناء والإنجاز، في عصر يشكل العلم والمعرفة شرط تجاوز ما يزخر به من تحديات.
ويشكل المعلم ركيزة أساسية لنجاح جهودنا للنهوض بالعملية التربوية التعليمية وتطويرها.
فالمعلمون قادة ورواد لمستقبل وطننا الغالي، يبنون المواطن الحر والمتعلم والجرىء في الحق، والمدرك أن الأوطان تبنى بتعب أبنائها، وأن التحديات الكبيرة تواجه بالإرادة الصلبة والانتماء لوطن لا يعرف الخوف ولا التردد ولا الانغلاق.
ونحن حريصون على تحسين ظروف عمل المعلمين، وقد قدمنا في العام الماضي، وما سبقه من أعوام، حزمة من الإجراءات والحوافز التي نأمل أن تتبعها إجراءات ناجعة أخرى، لتحسين مستوى معيشتهم، وتمكينهم من أداء رسالتهم على أكمل وجه.
الأخوة المعلمون وأبنائي الطلبة، إننا نرى مرحلة قادمة تتعزز فيها الروح العلمية القادرة على المنافسة، ويتحقق فيها الانفتاح على الدنيا، ويكتمل بها نموذجنا الوطني في المعرفة على أبهى صوره، فلنحمل إلى العالم رسالتنا في الحرية والعدل وحفظ كرامة الإنسان، ولنتذكر أن المدارس فيها مستقبل الوطن وآمال وأحلام الآباء والأمهات
وهنا، فإنني أشير إلى ضرورة استكمال مشروع رياض الأطفال، ضمن خطة طموحة، وإنشاء ما يلزم من مراكز البحث التربوي والدراسات والاستشارات، حتى لا تبقى سياساتنا التربوية تدور في إطار تجربة محدودة، على الرغم مما أنجزت للوطن، مما نقدره ونجلّه.
وقد وجهت الحكومة إلى الاستمرار في وضع الخطط لجعل عملية تطوير التعليم وتحسينه عملية مستمرة، وفي جميع الجوانب المتعلقة بالبيئة المدرسية والبنى التحتية والمناهج، وتلك المرتبطة برعاية المعلمين وتحسين ظروف حياتهم وتأهيلهم وتدريبهم.
وقد وجهت الحكومة أيضا، للعمل على تطوير آليات فاعلة، لإطلاق برنامج التغذية المدرسية.
فالعقل السليم في الجسم السليم، وأملي أن ينتهي الإعداد للبدء في تنفيذ هذا البرنامج بأسرع وقت ممكن.
ولا بد من تطوير الشراكة مع القطاع الخاص، لدعم العملية التربوية بحيث يتحمل الجميع مسؤولياتهم تجاه أجيال المستقبل.
وقد وفرت مبادرة (مدرستي) التي ترعاها جلالة الملكة رانيا العبدالله، نموذجاً رائداً يعكس فائدة التعاون والشراكة المجتمعية، في تطوير البيئة المدرسية، وبالتالي الاستثمار في أجيال المستقبل.
إن غايتنا على الدوام، هي عمل كل ما في وسعنا، ليكون الإنسان الأردني قادرا على مواجهة التحديات والتحولات الصعبة، قادرا على التألق في عطائه ليقدم للوطن أفضل ما لديه.
فالأردنيون كانوا دوماً على عهد قيادتهم ووطنهم بهم "يؤثرون على أنفسهم"، وبذلك نهضوا بالوطن كله نحو مشروعه الإنساني والقومي، وفي صياغة نسيج وطني عصيّ على التشظي، وفي مدّ رؤيتنا الإنسانية عبر أبنائنا المبدعين إلى العالم كله.
إن السلوك الذي نتمناه بين مئات الآلاف الذين يخوضون معركة التقدم في عصر العلم هذا، هو النهج الديمقراطي الذي يضمن للعقل حريته في التفكير، والتعبير والانحياز إلى ما هو حق وإنساني، ومنهجي وصحيح.
فلننقل طلبتنا إلى مناخات الحوار الحر، والنهج الديمقراطي، والوفاء للوطن.
ولا بد من إطلاق مسيرة مراجعة وتقويم، تزيل ما ليس مناسباً للمرحلة، وتضمن استمرار تطوير العملية التربوية والتعليمية، لمواكبة روح العصر ومتطلباته.
وفقنا الله جميعا إلى ما فيه خير وطننا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، عبدالله الثاني ابن الحسين عمان في 5 شوال 1431 هجرية الموافق 14 أيلول 2010 ميلادية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
تعليق