2011/06/18

إلى من يهمه الأمر

علاء الفزاع
سأتحدث باختصار شديد، وسأتطرق، إضافة للعام، إلى شأن شخصي رغم أن هذا ليس من عادتي، ورغم أن الجو العام هو عام.

نبدأ بالخاص ثم بالعام.

لست مثيراً للمشاكل، ولا متآمراً، ولا ساعياً للفوضى، ولكنني مثل كل الأردنيين أنشد الإصلاح وإنقاذ البلد من عصابات تتحكم في مصيره وتبيعه بالجملة والمفرق.

ومع هذا، وربما لأجل هذا تحديداً، تلفق لي التهم، وأتعرض للضغوط والتهديدات منذ شهور، والتي صلت ذروتها بعد الإفراج عني قبل أيام. بل وأحاصر في رزقي وأمني الشخصي والعائلي، وتعقد اجتماعات رفيعة المستوى (جداً) للتباحث في مشكلة "علاء الفزاع".

لست سوى مواطن عادي. كنت مواطناً عادياً إلى أن تسببوا هم بكل هذه الضجة حولي، وسأعود مواطناً عادياً لأن هذه الضجة ستهدأ من تلقاء نفسها، ولأنني أصلاً لا أحب الضجيج، ولكنني لن أرضى بأقل مما يرضى به أي مواطن عادي، وسأستمر في دوري الذي اخترته لنفسي كمواطن عادي قرر أن يخدم وطنه بنشر الحقائق التي تعري الفساد والسوس الذي ينخر البلاد ويقوض السقف فوق رؤوس العباد. ويكونون واهمين إذا تصوروا أن من الممكن "تربيتي" وفرك أذني، حيث أنني مصمم على أن أحتفظ بـ"قلة تربيتي".

نذهب إلى العام.

لا يمكن أن تبقى البلاد كما كانت طيلة الفترة الماضية، ولا يمكن أن يقبل الأردنيون أن يستمر نهب وطنهم وسرقة مستقبل أبنائهم بعد أن ضاع حاضرهم. إنهم مصممون على الإصلاح. بعضهم مستعد لدفع الثمن من حريته، وبعضهم مستعد لثمن من دمه، وبعضهم مستعد لثمن من وقته فقط، ولكنهم جميعاً مصممون على دفع ما يستطيعون ليعيشوا ضمن حدود الكرامة الإنسانية وضمن وطن يستحقونه ويستحقهم.

حزم الإصلاح المزعومة لن تخدع أحداً، ولا بديل عن الإصلاح الحقيقي والملموس والسريع في ثلاثة محاور:

أولاً: طريقة حكم البلاد، إذ لا مجال لاستمرار الحكم المطلق والصلاحيات الدستورية الواسعة والتي يستغلها مسؤولو السلطة التنفيذية لسرقة المال العام أو هدره بقرارات غير مدروسة. الأصل هو أن تكون هناك حكومة ذات ولاية عامة على كافة شؤون الدولة، وأن تكون تلك الحكومة مسؤولة بالكامل وقابلة للمحاسبة المطلقة، وتحت رقابة مجلس نيابي ممثل مستقل، وأن تشكل تلك الحكومات وتحل ضمن آليات محددة وواضحة وديموقراطية، وأن يدعم ذلك كله قضاء لا يتم تعيين رأس سلطته من قبل الحكومة.

ويعبر المواطنون الأردنيون عن هذه الأفكار بالذات في جلساتهم العادية، وإن بمصطلحات أخرى.

ثانياً: توزيع الثروة والتنمية، إذ لا يمكن قبول التفاوت الحاد في الدخول، والانحياز الحكومي والقانوني للأغنياء وللبنوك وللمستثمرين الأجانب وإعطائهم امتيازات متصاعدة، فيما الأغلبية تعاني في تحصيل أجرة مواصلاتها ذهاباً إلى عملها وإياباً. ولا يمكن قبول تركز التنمية والثروة في عمان الغربية وبعض المناطق، بينما مدن كبرى كالكرك والطفيلة، وأحياء ضخمة كالوحدات، تعاني من شوارع لا تصلح حتى للسير فيها على الأقدام.

من أولويات الحكومة توفير حد أدنى من الدخل، وضمان حصول المواطن على السلع الأساسية ضمن حدود دخله، وتغطية أي عجز ينتج عن ذلك بأن تقلل من امتيازات كبار الأغنياء، وبأن تطبق عليهم قبلاً الضريبة التصاعدية.

ومن أساسيات الوصول للتهدئة الشعبية أن نرى رؤوساً كبيرة تمثل أمام القضاء وتحاسب على فسادها فتبرأ منه أو تدان، وأن نعرف تحديداً، علناً، من هرب خالد شاهين، ومن يقف وراءه.

ثالثا: الهوية والمواطنة، فقد مل الأردنيون ذلك التوهان في تحديد المواطنة ومعاييرها وفي تحديد ماهية وهوية الدولة. ولا بديل عن حل يحقق في البعد السياسي الحفاظ على الهوية الوطنية الأردنية كما يريدها أبناء الأردن من ناحية، وضمان عدم الإخلال بهوية الضفة الغربية من ناحية أخرى، في الوقت الذي لا يقفز فيه عن قوة علاقة الأردنيين من أصل فلسطيني بالأرض الأردنية وبالوطن الأردني والذي أمضى بعضهم فيه عشرات السنين فيما لم ير معظمهم وطناً غيره.

إن ذلك الحل لا يمكن أن يأتي كنتيجة جاهزة، وإن كانت هناك طروحات قابلة للنقاش من بينها الاعتماد على قرار فك الارتباط كمعيار. ولكن المسار الأكثر واقعية هو أن تتولى لجنة حوار وطنية حقيقية وممثلة للجميع مناقشة هذه المسألة من جميع جوانبها والوصول إلى حل تاريخي ونهائي للإشكالية التي شلت الحياة السياسية الأردنية لعقود، واستخدمت كفزاعة في وجه الدعوات الإصلاحية.

لن يهدأ الأردنيون يا سادة، فهم يعتصمون وينظمون المسيرات منذ 5 شهور دون نتائج ملموسة، ولن يتوقفوا حتى يحصلوا على ما يريدون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تعليق


منتدى يسعى لاحياء نقابة المعلمين في الاردن من خلال الوسائل السلمية

رسالة اللجنة

العمل على إحياء نقابة للمعلمين تحت ظل راية قائد الوطن جلالة الملك عبدالله الثاني حفظة الله ورعاةبحيث تساند المعلمين وتطالب بكافة حقوقهم وتهتم بتطوير المهنة ومهارات التعليم واساليبه وتعالج المشاكل والعقبات التي تواجهة المهنة والمعلم معاً