شرعية نقابة المعلمين ودستوريتها




حق الأردنيين في تكوين النقابات المهنية


المحامي موسى الأعرج
  • يعهد الدستور الأردني إلى المجلس العالي لتفسير أحكام الدستور (المنصوص عليه في المادة (57) من الدستور) بوظيفة تفسير أحكام الدستور، اذا طُلب إليه ذلك بقرار من مجلس الوزراء أو بقرار من مجلس الأعيان أو بقرار من مجلس النواب.
  • وتنص المادة (16) من الدستور (فقرة 2) على حق الأردنيين في تأليف الجمعيات والأحزاب السياسية وتضيف نفس المادة أن القانون ينظم طريقة تأليف هذه الجمعيات والأحزاب (فقرة 3).
  • وتوكل المادة (120) من الدستور الى مجلس الوزراء "إصدار أنظمة بموافقة الملك لتحديد كيفية تعيين الموظفين وعزلهم والإشراف عليهم وحدود صلاحياتهم واختصاصاتهم".
  • أصدر المجلس العالي قراره رقم (1) لسنة 1994 (بناء على طلب مجلس الأعيان) القاضي "بأن الأحكام الدستورية لا تجيز إصدار قانون لنقابة المعلمين الموظفين العموميين" ((وسوف يشار إلى هذا القرار فيما بعد بـ "قرار 1/94")) بعد ان كان المجلس قد أخفق بتاريخ 20/3/1993 بإصدار قرار تفسير في نفس الشأن بناءً على طلب مجلس الوزراء ((سوف يشار إلى ذلك فيما بعد بـ "تفسير 93")).
  • وتأتي هذه الدراسة لإلقاء الضوء على مفاهيم "التفسير" و"الجمعية"  و"الوظيفة العامة" وعلى المواد الدستورية ذات العلاقة وعلى ما سبق  صدور القرار 1/94، ومحاولة للخروج من مأزق دستوري نشأ عن هذا القرار، خاصة وان المجلس العالي سبق له أن نظر نفس موضوع هذا القرار كما اسلفنا ولم يتوصل إلى قرار.
  • ولغايات ذلك فإننا نقسِّم هذه الدراسة كما يلي:-






أولاً: المفاهيم الثلاثـــــة.
  1. مفهوم التفسير.
  2. مفهوم الوظيفة العامة.
  3. مفهوم الجمعية.

ثانياً:    المواد الدستورية ذات العلاقة:
  1. المادة (16) من الدستور.
  2. المادة (120) من الدستور.
  3. المادتان (57) و (59) من الدستور.
  4. المادة (122) من الدستور.

ثالثاً:    قرار المجلس العالي رقم (1/94):
  1. مختصر للوقائع.
  2. ملاحظات وتساؤلات.

رابعاً:    الخلاصــــــــــــة:
  1. في الموضـــــوع.
  2. خلاصة الخلاصـــة.

أولاً: المفاهيم الثلاثـــــة.
  • يُشكل الوقوف على دلالات مصطلحــات "التفسير" و "الوظيفة العامـة" و"الجمعية" مدخلاً لازماً وضرورياً، لأن هذه الدراسة تتمحور حول هذه المصطلحات الثلاثة:
1- التفسيــــر
:
يعرف الدكتور توفيق فرج التفسير بقوله "هو تحديد المعنى الذي تتضمنه القاعدة القانونية (بدهي ان القاعدة الدستورية هي قاعدة قانونية باعتبار أن الدستور هو القانون الأساسي) وتعيين نطاقها و ذلك حتى يمكن الاستدلال على ما تضمنته القاعدة  وحتى يمكن مطابقتها على الظروف الواقعية التي يثار بصددها تطبيق هذه القاعدة، وأن التفسير التشريعي هو التفسير الذي يقوم به المشّرع نفسه، وقد يصدر التفسير التشريعي عن جهة غير الجهة التي اصدرت التشريع"، أي كالتفسير الذي يصدر عن المجلس العالي لتفسير الدستور أو عن الديوان الخاص لتفسير القوانين، ولعله لا جدال مطلقاً في أن المجلس العالي هو مجلس يُفسّر نصوص الدستور وليس من وظيفته النظر في دستورية او عدم دستورية القوانين او النصوص القانونية،  أيّ ليس من وظيفته إعلان ان هذا القانون أو النص يتفق مع الدستور (دستوري)، أو انه يخالف الدستور (غير دستوري)، فهذه وظيفة محكمة دستورية ليست موجودة في البناء القانوني الأردني، وإن كانت محكمة العدل العليا لها إلى درجة كبيرة هذا الإختصاص بصفة غير مباشرة.

2- الوظيفة العامة
:
وكما تعرفها بعض الدساتير العربية مثل الدستور الكويتي فهي "خدمة تناط بالقائمين عليها ويهدف موظفو الدولة في أداء وظائفهم المصلحة العامة" ويطلق عليها مصطلح  Public Service بالإنجليزية، ومصطلح Fonction Publique بالفرنسية، ويسود العالم مفهومان رئيسيان للوظيفة العامة الأول هو المفهوم الفرنسي الأوروبي (ويستمد فكرته من النظام العسكري النابوليوني) وفيه تتصف الوظيفة العامة بالديمومة وتقوم على اعتبار من يشغل الوظيفة (الموظف، مؤهلاته وخبراته)، ويلتحق الموظف بها في مقتبل حياته ، ويتدرج فيها بالترفيع (من درجة الى درجة أعلى) القائم على الأقدمية (عدد سنوات الخدمة) أو على عاملي الأقدمية والاختيار مجتمعين، ويستمر الموظف في الوظيفة حتى يبلغ سن التقاعد، ويخضع اثناء خدمته لتسلسل السلطة الرئاسية، ولكل ذلك اعتبرت الوظيفة العامة بهذا المفهوم (الفرنسي الأوروبي) مهنة كسائر المهن، ويتبنى هذه المفهوم جميع الدول الأوروبية وكافة الدول العربية بما فيها الاردن ومن هنا كانت الوظيفة العامة في الأردن وفي كافة الدول العربية وفي الدول الأوروبية مهنة يتفرغ لها الموظف طيلة حياته العملية، وتتمتع بالإستمرار والاستقرار، وقد ورد النص على ديمومة الوظيفة العامة في المادة 22/2 من الدستور الأردني.
والمفهوم الثاني هو المفهوم الأمريكي للوظيفة العامة (ويستمد فكرته من الفكرة التي قامت عليها الدولة الأمريكية وهي فكرة الشركة) ويقوم هذا المفهوم على مبدأ توقيت الوظيفة وعلى اعتبار الوظيفة نفسها وواجباتها ومسؤولياتها (وليس على اعتبار مؤهلات وخبرات من يشغلها) ويُعبّر عن هذا المفهوم بعبارة Hire & Fire التي مدلولها أن الالتحاق بالوظيفة العامة هو كالالتحاق بوظائف المشروعات الخاصة (الشركات) والمعبرة عن فكرة الاستغناء عن خدمة الموظف في أي وقت.




3- الجمعيــــة
:
لعل من الواضح أن "جمعية" مشتقة من الثلاثي "جَمَع"، ومن اشتقاقاتها أيضاً "المجتمع" لأنه عبارة عن افراد اجتمعوا على مصالح مشتركة أو جمعتهم مصالح مشتركة، فاجتماع أي فئة من الناس بغية تحقيق هدف مشترك يمكن أن يطلق عليه جمعية وكلمة Assemble الانجليزية وكلمة Assembler الفرنسية وكلمة Associate الانجليزية وكلمة Associer الفرنسية لهما نفس معنى كلمة "جمع" العربية، وكذلك Asscciation الانجليزية و Associes الفرنسية لهما نفس معنى كلمة "جمعية" العربية، وكل من هاتين الكلمتين الانجليزية والفرنسية تعني مجموعة من الأشخاص مجتمعين مع بعضهم لتحقيق هدف عام ويرادف مصطلح الجمعية مصطلح "النقابة" الدارج في معظم الأنظمة العربية القانونية، وكلمة "نقابة" هي اشتقاق من الفعل "نقَبَ" بمعنى بحَثَ، وفي القاموس أن نقيب القوم هو شاهدهم وضمينهم وعريفهم وسيدهم، وسمي بذلك لأنه يُنقّب عن أمورهم أي يبحث عنها (بهدف رعايتها واصلاحها) ومن هنا جاء مصطلح النقابة التي يوكل اليها رعاية شؤون ومصالح فئة معينة من المجتمع تجمع بينهما رابطة مهنية وهو مرادف تماماً لمصطلح جمعية.


ثانياً:    المواد الدستورية ذات العلاقة:
  1. تنص المادة (16) من الدستور الأردني في فقرتها الثانية على أن للأردنيين حق تأليف الجمعيات والأحزاب السياسية وفي فقرتها الثالثة على أن القانون ينظم تأليف الجمعيات والأحزاب السياسية، فما المقصود بمصطلح "الجمعيات" هذا:

أ -    تم النص على حق الأردنيين في "تأليف الجمعيات" (دون الأحزاب السياسية) في المادة (11) من القانون الأساسي الأردني لعام 1928 وتم النص كذلك على حق الأردنيين في "تكوين الجمعيات" من المادة (18) من الدستور الأردني لعام 1947.




ب -    ويقول العميد الدكتور محمد الحموري أن المادة (21) من الدستور المصري لعام 1923 ((للمصريين حق تكوين الجمعيات....)) مأخوذة حرفياً من المادة (27) من الدستور البلجيكي لعام 1921، وان المادة (16) (فقرة 3،2) من الدستور الأردني الحالي مأخوذة من المادة (21) من الدستور المصري لعام 1923 ونصها "للمصريين حق تكوين الجمعيات  وكيفية استعمال هذا الحق يبينها القانون".

ج -    يكاد لا يخلو قانون أساسي أو دستور للأقطار العربية سواءً قبل الاستقلالات أو بعدها من النص على الحق في تأليف الجمعيات، ولم يرد في أي من هذه القوانين الأساسية أو الدساتير النص صراحة على النقابات.

    (القانون الأساسي للقطر الطرابلسي وقطر برقة لعام 1919، نظام اساسي حكومة اللاذقية، ونظام اساسي حكومة جبل الدروز 1920، ليبيا 1951، 1963 العراق 1925، مصر 1923، 1930، الكويت 1962، لبنان 1926، السودان 1953، 1956، 1964.......)

د -    في جميع الدول الأوروبية التي تعتبر الوظيفة العامة فيها مهنة (وهي تأخذ بمفهوم الوظيفة العامة الفرنسي الأوروربي كما هي الأردن) يوجد نقابات مهنية للموظفين العموميين سواءً كانوا معلمين أو غير معلمين (فرنسا، اسبانيا، اليونان....) وعلاقة الموظف العام بالدولة في هذه الدول هي علاقة لائحية أو نظامية كما في الأردن وسائر الدول العربية يحددها القانون أو النظام، وهذه النقابات هي غير نقابات العمال المصطلح على تسجيلها في أوروبا وامريكا Trade Unions.

هـ-    إن مصطلح "نقابة" في الدول العربية يقابله مصطلح "جمعية" في الدول الأوروبية التي تسمى نقابات الموظفين العموميين فيها بـ Associations، فمصطلح "نقابة" يجد جذوره فقط في الثقافة العربية، وقد تجذر بمعنى الجماعة ذات المصالح المشتركة التي تسعى ويسعى نقيبها الى تحقيقها، ففي القرآن الكريم في الاية (12) من سورة المائــدة ((...... وبعثنا منهم أثنى عشر نقيبا.....)) وكما أسلفنا فإن مصطلح النقيب والنقابة مرتبطين بمجموعة أو فئة لها مصالح مشتركة  ومرتبطين برعاية هذه المصالح.









و -    كما أن مصطلح "الجمعيات" المشار إليه فيما سبق وفي المادة (16) من الدستور هو نص عام ومطلق من النصوص التي تحتمل التأويل، ومن قواعد التفسير أن النص اذا كان كذلك، (عاماً ومطلقاً) فإنه بالإمكان تخصيصه أو تقييده عن طريق القياس باعمال قاعدة من "باب أولى" فإذا كان من حق الأردنيين تأليف الأحزاب السياسية (وهو حق مقرر لكل الأردنيين بما فيهم الموظفين العموميين) فمن باب أولى أن يكون للأردنيين حق تكوين النقابات المهنية فمصطلح "الجمعيات" يدخل فيه مصطلح النقابات، وبالتالي فإن للأردنيين الموظفين العموميين حق تكوين النقابات المهنية.

ز -    وقد تضمن قرار المجلس العالي رقم 2/1990 ما نصه "وحيث أن التعامل في تطبيق الدستور الأردني قد جرى على سبيل التكرار وفي عدة دورات استثنائية منذ عام 1948 على جواز إضافة أمور أخرى على ما تضمنه الدعوة الأولى فإن ما يُبنى على هذا التعامل المتكرر أن يشكل ((عرفاً دستورياً وقاعدة صالحة لتفسير النص المطلوب تفسيره))  فوجود قواعد دستورية مكتوبة (دستور مكتوب) لا يعنى بالضرورة عدم إعمال قواعد دستورية عرفية استقرت وترسخت مع تطور المجتمع، بل أن هكذا قواعد تكون أكثر تعبيراً عن ارادة المجتمع الجمعية المتراكمة، وقد استقر منذ اكثر من نصف قرن قيام السلطة التشريعية بسن قوانين تنظم مختلف المهن، أي قوانين النقابات المهنية.  

ح -    واتساقا مع ما تقدم فإن جميع النقابات المهنية تنظمها قوانين صادرة عن السلطة التشريعية، وأن العديد من اعضاء هذه النقابات هم موظفون عموميون، وقد استقر ذلك منذ أكثر من نصف قرن كعرف دستوري، فلا وجه للقول أنه لا يصح إنشاء نقابة للمعلمين بقانون لأن المعلمين موظفون عموميون، فالمعلمون كغيرهم من أعضاء النقابات المهنية اما ينتمون إلى القطاع العام أو الخاص وان  كانت الغالبية العظمى من المعلمين موظفين عموميين.

ط -    ان مجلس الأمة وهو صاحب الولاية العامة في التشريع (بموجب الدستور) من حقه ان يشّرع (وقد شّرع منذ قيام الدولة الأردنية) في كافة المجالات والشؤون التي تخص المجتمع، حتى لو لم تكن هذه المجالات مشاراً اليها في الدستور، فقانون الجنسية مثلاً إشار إليه الدستور وأما قانون الملاحة البحرية مثلاً فلم يشر إليه في الدستور، لذلك فإنه لا يستقيم القول أن حق التنظيم النقابي هو فقط للعمال لأنه تم النص عليه في الدستور.





  1. تَعْهد المادة (120) من الدستور الأردني الى مجلس الوزراء إصدار أنظمة لتحديد "كيفية تعيين الموظفين وعزلهم والإشراف عليهم وحدود صلاحياتهم واختصاصهم":

أ -    لعله من البدهي القول أن اختصاص مجلس الأمة بالتشريع هو اختصاص ولاية عامة وأصيل،  فالقاعدة العامة أن يقوم بإصدار التشريعات مجلس الأمة على النحو المبين في الدستور.

ب -    ويُبنى على ما تقدم أن اختصاص السلطة التنفيذية (مجلس الوزراء) في التشريع هو على سبيل الاستثناء، وهذا الاستثناء محصور حصراً في المادة (120) من الدستور، وبالنسبة للموظفين محصور في المجالات الخمسة التي حددتها المادة، ومن القواعد الراسخة ان الاستثناء لا يجوز التوسع فيه ولا القياس عليه، وعليه فإن ما عدا ذلك من شؤون الموظفين يختص بالتشريع فيه مجلس الأمة، وان كان جرى العمل على خلاف ذلك.

ج -    إن اختصاص مجلس الوزراء بالنسبة للموظفين العموميين في المادة (120) من الدستور هو اختصاص حصري في مجالات معدودة من شؤون الموظفين هي : كيفية تعيينهم، كيفية عزلهم، كيفية الإشراف عليهم، تحديد صلاحياتهم وتحديد اختصاصاتهم، وعليه فإن الدستور لم يوكل الى مجلس الوزراء التشريع في كافة شؤون الموظفين، فلم ينص مثلاً على تأديب الموظفين، وعليه فإن نصوص التأديب مثلاً الواردة في نظام الخدمة المدنية هي نصوص غير دستورية.

د -    ان المادة (23) من الدستور المتعلقة بالعمل والعمال تنظم حقلاً مستقلاً تماماً عن حقول شؤون الموظفين العموميين المحددة في المادة (120) من الدستور، فالحديث في الفقرة (و) من المادة (23) هو حديث عن تنظيم نقابات العمال وليس نقابات  المهن، ولا مجال للمقابلة بين المادتين (23 ، 120).








هـ-    لقد تضمن قرار المجلس العالي رقم 1/1965 ما نصه "إن أي تشريع يتعلق بالتعليمات الإدارية وشؤون الموظفين يجب ان يصدر عن السلطة التنفيذية بنظام اذا كانت الموضوعات التي يتناولها ذلك التشريع من المسائل المنصوص عليها في المادة (120)" والعديد من شؤون الموظفين بما فيها حقهم في تكوين نقابات مهنية لم تتناولها المادة (120) من الدستور عندما عددت حصراً شؤون الموظفين العموميين الجائز تناولها بأنظمة.

و -    وما دامت المادة (120) لم تتناول الموضوعات الأخرى الخاصة بشؤون الموظفين فإن الاختصاص في تنظيمها يعود الى  مجلس الأمة (صاحب الولاية العامة في التشريع بموجب المادة (25) من الدستور) كما انه لا يصح القول أن السلطة التشريعية مقيدة بالتشريع فقط في المجالات التي حددها الدستور فالمشرع مجلس الأمة له الحق المطلق في أن ينظم بقانون أي شأن او جانب من حياة المجتمع، وهذه مسألة من البداهة بمكان .
  1. المادتان (57) و (59) من الدستور:
  • تتناول المادة (57) تشكيل المجلس العالي، فيرأسه رئيس مجلس الأعيان وعضوية ثلاثة من الأعيان وخمسة من القضاة، وبحسب المادة (59) تكون قرارات المجلس بأغلبية ستة اصوات.

أ -    من الواضح أن تشكيلة المجلس تغلب عليها الصفة القضائيــة (5 قضاه) وهذا أمر مبرر، لأن عملية تفسير القوانين  من الناحية الواقعية والفنية منوطة بالقضاء (المحاكم)، إلا أن الاشتراط في المادة (59) أن تكون قرارات المجلس بأغلبية ستة أصــوات (من أصل9) يمكن ان يدفع الى الاعتقاد بأن هذه الصفة القضائية التي تم خلعها على المجلس قد تم نقضها، وعليه فإننا نكون امام  تشكيلة للمجلس ذات صفة مختلطة (قضائية وسياسية).

ب -    إن الأصل ان يقوم المشّرع بتفسير التشريع ولكن العهدة بتفسير الدستور الى جهة غير المشرع (الديوان العالي) يقتضيها جمود الدستور وصعوبة تعديله.




ج -    لم يتعرض الدستور الى تحديد نصاب اجتماع المجلس العالي وان كان العرف الدستوري قد استقر على ان يجتمع بكامل أعضائه، ولعل هذا يؤيد وجه النظر القائلة بأن العرف الدستوري معتبر مع مرور الزمن، أي بالإستمرار والاستقرار، فإستقرار واستمرار تشريع مجلس الأمة لقوانين النقابات هو عرف دستوري في درجة قوة الدستور.
  1. المادة (122) من الدستور:
  • تُشكل هذه المادة مناط اختصاص المجلس العالي بتفسير احكام الدستور، هذا التفسير الذي يجب ان يكون اما بناءً على قرار (طلب) من مجلس الوزراء أو قرار (طلب) من مجلس الاعيان او قرار (طلب) من مجلس النواب بالأكثرية المطلقة.

أ -        يختص المجلس العالي بتفسير احكام الدستور ، وهنا نعود لنذكر ان التفسير يعني "تحديد المعنى الذي تتضمنه القاعدة القانونية وتعيين نطاقها وذلك حتى يمكن الاستدلال على ما تضمنته القاعدة وحتى يمكن مطابقتها على الظروف الواقعية التي يثار بصددها تطبيق القاعدة".

ب -    أي أن التفسير يستلزم وجود قاعدة قانونية (في قالب لفظي) وان الحاجة يجب ان تكون قائمة الى تحديد معنى هذه القاعدة أو أن الحاجة يجب ان تكون قائمة الى تحديد نطاق تطبيقها وذلك لتسهيل تطبيقها على وقائع مثارة بصدد تطبيقها.

ج -    ولا بد أن يُعّبر طلب التفسير الذي يرد الى المجلس العالي عن الحاجة القائمة الى تحديد معنى القاعدة الدستورية او الى تحديد النطاق الذي يجب ان تشمله القاعدة الدستورية وبدهي ان يرد في نهاية الطلب سؤال او تساؤل.

د -    وبالرجوع الى معظم طلبات التفسير الموجه إلى الديوان العالي نجد إما أنها تخلط بين طلب اعلان دستورية او عدم دستورية وبين طلب تفسير نص او نصوص دستورية او انها طلبات اعلان دستورية او عدم دستورية نصوص قانونية والطلب الذي اجاب عليه القرار 1/94 هو مثال واضح على هذا النوع الأخير.


ثالثاً:    قرار المجلس العالي رقم (1/94):
  1. مختصر الوقائع:

-    تتلخص الوقائع التي سبقت صدور القرار 1/94 بالآتي:

أ -    بجلسته المنعقدة بتاريخ 18/2/1992، احال مجلس النواب الى الحكومة اقتراحاً لإنشاء نقابة للمعلمين لوضعه في صيغة مشروع قانون، وبتاريخ 17/2/1993 أرسل رئيس مجلس الوزراء مشروع قانون لنقابة المعلمين لمجلس النواب .

ب -    بتاريخ 4/3/1993 طلب رئيس مجلس الوزراء من المجلس العالي تفسير المواد (22، 23، 45، 47، 120) من الدستور "وبيان ما اذا كان من الجائز بموجبها للسلطة التشريعية الموافقة على مشروع قانون نقابة المعلمين والذي يقضي بتأسيس نقابة للموظفين العموميين الذين يعملون كمعلمين في وزارة التربية والتعليم".

ج -    عرض الموضوع على المجلس العالي الذي انعقد بكامل أعضائه (9) حيث توصل خمسة أعضاء بتاريخ 20/3/1993 إلى "أن نص 6/أ من المشروع مخالف للدستور"، في حين رأي الأربعة الآخرون "أن إصدار مثل هذا القانون لا يخالف الدستور".

د -    بتاريخ 6/4/1993 أقر مجلس النواب المشروع وتم إرساله إلى مجلس الأعيان.

هـ-    بتاريخ 13/1/1994 طلب رئيس مجلس الاعيان بناءً على قرار من مجلس الاعيان من المجلس العالي "للنظر من جديد فيما اذا كانت احكام الدستور تجيز اصدار قانون نقابة للمعلمين الموظفين العموميين من معلمي وزارة التربية والتعليم على غرار قانون نقابة المعلمين المعروض على مجلس الامة".






  1. ملاحظات وتساؤلات:
  • أصدر المجلس العالي بتاريخ 4/6/1994 قراره رقم 1/94 والقاضي كخلاصة "ان الاحكام الدستورية لا تجيز اصدار قانون لنقابة المعلمين الموظفين العموميين" وذلك جواباً على طلب مجلس الأعيان، ولعل الملاحظات والتساؤلات التالية يمكن ان ترد على الطلب السابق (طلب تفسير 93) وعلى طلب التفسير الثاني (طلب مجلس الأعيان) وعلى صلب القرار 1/94:

أ -    من المفيد ان نذكر أن مشروع القانون قد تم إعداده من قبل مجلس الوزراء بناءً على اقتراح من مجلس النواب، وان مجلس الوزراء بذلك قد استجاب لرغبة مجلس النواب فأعد مشروع القانون وأرسله الى مجلس النواب الذي أقره وأرسله الى مجلس الأعيان.

ب -    في الواقع أن الطلب المقدم من رئيس مجلس الوزراء الى الديوان العالي (طلب تفسير93) ليس طلب تفسير حكم دستوري وانما بيان اذا كان من الجائز للسلطة التشريعية الموافقة على مشروع قانون (كما جاء في الطلب).

ج -    وعلى فرض أن طلب تفسير 93 هو طلب تفسير فعلاً فإن فرصة التفسير تكون قد استنفذت لعدم توصل المجلس العالي الى قرار، أضف إلى ذلك ان الأعضاء الخمسة الذين قالوا بعدم الدستورية لم يقولوا بعدم دستورية مشروع القانون، انما انحصر رأيهم" بأن نص 6/أ من المشروع مخالف للدستور".

د -    أن طلب مجلس الأعيان التفسير قد انصب على نفس الموضوع الذي انصب عليه الطلب السابق (طلب تفسير93 المقدم من مجلس الوزراء)، وهنا يثور تساؤل هل يجوز طلب التفسير لنفس الموضوع مرتين، اذا تم التسليم بذلك فإن التقدم بطلب للمرة الثالثة حول نفس الموضوع قد يكون أمراً مقبولاً.

هـ-    كما يمكن طرح تساؤل آخر، هل يجوز لمجلس الأعيان التقدم بطلب تفسير بشأن مشروع قانون أقره مجلس النواب؟ ان ما هو متاح دستورياً امام مجلس الأعيان في هذه الحالة فقط إما الموافقة على المشروع أو تعديله  أو رفضه؟ ويطرح التساؤل هل رفض مجلس الأعيان المشروع؟.

و -    إن مجمل الوقائع ينبئ عن أن السلطة التنفيذية قد استعملت حقها الدستوري (طلب التفسير93) لتعطيل عمل السلطة التشريعية، ولمَّا لم ينجح هذا الاستعمال طلب مجلس الأعيان التفسير مرة ثانية.

ز -    ولعل طلبي التفسير المشار إليهما قد اخطأ كل منهما في طرح المواد الدستورية التي طلب تفسيرها، فطلب التفسير كان يجب ان ينصب على المادة (16) من الدستور الأمر الذي لم يتعرض له أي من الطلبين أو القرار 1/94.


رابعاً:    الخلاصــــــــــــة:
  1. في الموضوع:

أ -    إن مفهوم تفسير القواعد القانونية غير ملحوظ في الطلبات التي قدمت للديوان العالي حتى الآن، وأن هناك خلط بين تفسير القاعدة القانونية والرقابة الدستورية (اعلان دستورية أو دستورية القاعدة القانونية).

ب -    إن اصطلاح "الجمعيات" الوارد في المادة (16) من الدستور يدخل في معناه وبالتالي في تفسيره (حسب قواعد التفسير) النقابات المهنية كافة، القائم منها والذي يمكن ان يقوم بالمستقبل كنقابة المعلمين، كما هو الحال في الدول الأوروبية وبعض الدول العربية.

ج -    إن انتساب الموظف العمومي الى نقابة مهنية لا يتعارض مع المصلحة العامة أو مصلحة المرفق العام باعتبار ان الوظيفة العامة بالمفهوم السائد في الأردن (المفهوم الفرنسي الأوروبي) هي مهنة كسائر المهن، كما هو الحال في كافة الدول الأوروبية والدول العربية، واذا كانت الخشية واردة من إساءة استعمال حق الإضراب فإن هذا الحق يمكن تقنينه بالقانون كما هو الحال في جميع الدول التي تقنن حق الإضراب.

د -    بالإضافة إلى أن دستورية قوانين النقابات المهنية مستمدة من الدستور فإنها أيضاً مستمدة من خلال استقرار واستمرار عرف دستوري له نفس قوة القواعد الدستورية المكتوبة.






هـ-    إن المادة (120) من الدستور قد عهدت الى مجلس الوزراء بإصدار الأنظمة في مجالات خمسة محددة حصراً من مجالات شؤون الموظفين وما عدا ذلك من شؤون الموظفين يعود تنظيمه إلى القانون.
  1. خلاصـــة الخلاصـــة:

أ -    نخلص من كل ما تقدم أن حق تكوين النقابات المهنية هو حق دستوري للأردنيين، وان هذا الحق ينظم بموجب القانون، ولكن يحول دون ذلك حالياً من حيث الشكل قرار الديوان العالي رقم 1/94.

ب -    ولتجاوز ذلك فإنه يمكن لمجلس الوزراء أن يطلب من الديوان العالي تفسير مصطلح "الجمعيات" الوارد في المادة (16) من الدستور، فهذه المادة لم يتعرض لها طلبي التفسير المشار إليها ولا القرار 1/94، ولم يسبق أن تم طلب  تفسيرها من قبل.

ج -    وكما نرى ان مفردات طلب التفسير يمكن ان تشتمل على ما يلي:
  • تنص الفقرتان الثانية والثالثة من المادة (16) من الدستور على:

2- للأردنيين حق تأليف الجمعيات والأحزاب السياسية على أن تكون غايتها مشروعة ووسائلها سليمة وذات نظم لا تخالف احكام الدستور.

3- ينظم القانون طريقه تأليف الجمعيات والأحزاب السياسية ومراقبة مواردها.
  • دأبت مجالس الأمة المتعاقبة وفي ظل دستور 1947 والدستور الحالي 1952 على اصدار قوانين تنشئ نقابات مهنية وتنظم عضويتها واعمالها، بدءاً من قانون نقابة المحامين الملغى رقم 31/1950 وانتهاءً بقانون نقابة الأطباء البيطريين رقم 28/2008، كما ودأبت على تعديل هذه القوانين كلما دعت الحاجة الى التعديل.






  • إن النقابات المهنية المشار إليها أعلاه تشمل في عضويتها من حيث المبدأ جميع المنتسبين للمهنة الواحدة سواءً كانوا يعملون في وزارات وأجهزة الدولة او في القطاع الخاص.
  • إن الوظيفة العامة في النظام القانوني الأردني تعتبر مهنة كسائر المهن وان الدول التي تأخذ أنظمتها بهذا المفهوم للوظيفة العامة (فرنسا وسائر دول اوروبا وجمهورية مصر العربية والعديد من الدول العربية) تحتوي دساتيرها على نص مماثل او مشابه لنص الفقرتين  (2 ،3) من المادة (16) من الدستور، وان هذه الدول جميعها قد شرَّعت نقابات للمعلمين في القطاع العام والخاص.

وذلك لبيان ما اذا كان مصطلح "الجمعيات" الوارد في الفقرتين الثانية والثالثة من المادة (16) من الدستور يدخل في مضمونه نقابات المهن المشار إليها أعلاه وبالتالي اذا ما كان يدخل في مضمونه نقابة مهنية للمعلمين.


                                                    
                                                      





دراسة قانونية تثبت دستورية تأسيس نقابة للمعلمين

من خلال دراسة عدد من الدراسات القانونية التي قام بها عدد من الأساتذة المحامين يتبين أنّ إحياء نقابة المعلمين بل إنشاء نقابة للمعلمين حق ثابت بالدستور والاتفاقيات والمواثيق الدولية والممارسة العملية في بلدنا ومحيطنا العربي ودول العالم، وهذا إيجازا حول ما تضمنته هذه الدراسات :
أولاً :
1. إنّ الحق في التنظيم النقابي والحرية النقابية لكافة أنواع المهن ومنها مهنة التعليم  دون تفريق بين قطاع تعليم حكومي أو خاص أو مدارس أو جامعات هو حق أساس مُقرٌ ومُصان ومُدرج في الاتفاقيات الدولية والدستور الأردني، ومطبق في إطار قوانين المهن المختلفة، تشمل العاملين في القطاع العام والخاص والتعليم  العالي.
2. إنّ الحق في التنظيم النقابي مُقرٌ تشريعاً في معظم البلدان العربية دستورياً وقانونياً، وممارس عملياً، وخاصة لقطاع التعليم، ودون تمييز بين موظفي القطاع العام  والخاص، ومن هذه الدول العربية التي يوجد فيها نقابة للمعلمين بهذا الوصف القانوني( مصر ـ سوريا ـ لبنان ـ فلسطين ـ تونس ـ العراق).
3. أنضم الأردن وصادق على الاتفاقية الدولية ( لتطبيق مبادئ حق التنظيم النقابي والمفاوضة الجماعية بتاريخ 16/6/1963، والتي تنص على الحق في التنظيم النقابي ولكافة العاملين والمستخدمين في الدولة دون تمييز بين مهنة وأخرى، وان أعطت خصوصية للعاملين في القوات المسلحة والأمن (م/5) ونصت على عدم المساس بحقوق الموظفين والعاملين في إدارات الدولة وموظفيها (م/6). وعليه فإنّ الالتزام الدولي مازال قائماً ومستمراً بالنسبة للأردن فيما يتعلق بحق المعلمين فيها ( سواء العاملين في القطاع العام أو الخاص) بإنشاء وتأسيس نقابة للمعلمين، وممارسة حقهم النقابي. وهذا الحق غير قابل للتعدي عليه أو المساس به، فهو التزام قانوني دولي يسمو على أي قرار أو تشريع داخلي.
4. وجاءت اتفاقية حماية حق التنظيم وإجراءات تحديد شروط الاستخدام في الوظيفة العامة رقم 151/1978 لمعالجة ما نشأ عن اتفاقية حق التنظيم والمفاوضة الجماعية لسنة 1949 من إشكاليات التعامل مع موظفي الدولة، وذلك لغايات عدم إعاقة عمل الإدارات العامة، مع التأكيد على حق التنظيم النقابي وحمايته ضد أي أعمال أو قرارات سلبية باتجاه النقابات العمالية والمهنية ونشاطاتها، مع ملاحظة  إنه لم يثبت لدينا مصادقة الأردن على هذه الاتفاقية .
5. فصّلت اتفاقية الحريات النقابية وحماية حق التنظيم النقابي لسنة 1948، وهي الاتفاقية الأساس للحق في إنشاء النقابات كافة، ومنها نقابة للمعلمين، دون تمييز بين قطاع عام أو خاص المبادئ التي تحكم إنشاء النقابات. وقد أدرج في هذه الاتفاقية مبادئ أساسية للقواعد القانونية للعلاقة بين الدول والنقابات حماية لهذا الحق  وصونا له  ومن هذه المبادئ:
1. للعمال والعامين دون تميز الحق في إنشاء نقاباتهم والانضمام لها دون الحاجة إلى ترخيص.
2. يمتنع على السلطات العامة التدخل في شؤون النقابات والحد من الحقوق النقابية أو الحيلولة دون ممارستها.
3. لا تخضع النقابات لقرارات الحل أو الوقف عن العمل من قبل إدارات الدولة.
4. لا يجوز للقانون والتشريع في أي دولة ولا أسلوب تطبيقه الانتقاص من هذه الحقوق وضمانات ممارستها (المواد 2+3+4+8) وقد أكدت على هذه المفاهيم التشريعات الضامنة والمؤسسة لحق المعلمين ( دون تمييز بين عاملين في القطاع العام أو الخاص) بإنشاء نقابة ترعى مصالحهم وتطور مهنتهم في جميع المواثيق والعهود الدولية ومنها:
أ. العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية 1966 والمصادق عليه بتاريخ 15/6/2006.
ب. العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية  والثقافية لسنة  1966 والمصادق عليه  بتاريخ 30/5/2006 والذي نص على ( حق كل شخص في تكوين النقابات بالاشتراك مع الآخرين وفي الانضمام إلى النقابة التي يختارها ... ) .
ج إعلان الحق في التنمية لسنة 1986 والصادر بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة.
د الميثاق العربي لحقوق الإنسان لسنة 2004.
هـ. الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948، الذي نص على أن لكل شخص حق إنشاء النقابات مع الآخرين والانضمام إليها من أجل حماية مصالحه.
5. ولا يخفى أنّ المعاهدات مُلزمة لأطرافها وعليهم تنفيذها حيث جاء في المادة (27) من اتفاقية (فيينا) لقانون المعاهدات والموقع من الحكومة الأردنية ( لا يجوز لطرف المعاهدة أن يحتج بنصوص قانون داخلي كمبرر لعدم تنفيذ المعاهدة ) ، وقد أكد على هذا المفهوم قرار محكمة التمييز حقوق رقم ( 443/2007 ) الصادر بتاريخ 5/9/2007 وقرار محكمة التمييز حقوق رقم ( 3965/2003 ) الصادر بتاريخ 29/2/2004 وقرار محكمة التمييز حقوق رقم ( 818/2003 ) الصادر بتاريخ 9/6/2003 وجميعها تؤكد على ( تسمو المعاهدات والاتفاقيات الدولية مرتبة على القوانين المحلية ولها أولوية التطبيق عند تعارضها معها).
وفي ضوء هذه النصوص ولإغراض المعالجة القانونية للقرار الصادر عن المجلس العالي لتفسير الدستور رقم 1/1994.  ولغايات الاستدراك القانوني لما ورد في هذا القرار وخلاصته بأنّ الأحكام الدستورية لا تجيز إصدار قانون لنقابة المعلمين الموظفين العموميين فإننا نورد القناعات القانونية  التالية :
1. إنّ المادة 23 من الدستور الأردني نصت على الحق في التنظيم النقابي إضافة إلى ما ورد في الاتفاقيات المصادق عليها من الأردن والتي تلتزم الدولة بضمان حق التنظيم النقابي لكافة المهن والعاملين دون تمييز مع أهمية اعتبار هذه المادة الدستورية هي الوحيدة التي نصت على حق المواطنين الأردنيين إنشاء نقابات ولا يوجد أي نص دستوري أخر يؤسس لهذا الحق وبالتالي فان مفهوم القانوني الوحيد المستخلص من الأحكام الدستور الأردني هو اعتبار أن المادة 23 تؤسس الحق في إنشاء كافة أنواع النقابات سواء للعاملين في القطاع العام أو الخاص .
2. إنّ المادة 120 من الدستور تنظم العلاقة الوظيفية بين الإدارات الحكومية والعاملين فيها ( إداريا ومالياً) ولم يرد فيها ما يمكن إن يفسر بحرمان العاملين من حقهم في التنظيم النقابي ومن غير المتوقع ارتداد الدولة عن التزاماتها الدستورية أو الدولية.
3. ولغايات الاستدراك القانوني، ودفع التعارض بين ما أوردنا في هذه الدراسة من نصوص قانونية ونتائج تحليل ومعالجة لهذه النصوص المؤسسية، والمضافة للحق في التنظيم النقابي وما ورد في منطوق القرار التفسيري محل البحث (رقم 1/994) فإننا نؤكد على أنّ الحل القانوني هو شمول التشكيل النقابي، الذي يشكل جوهر المطلب الشعبي محل البحث والدراسة للفئات التالية :
         العاملين في مهنة التعليم في القطاع العام.
         العاملين في مهنة التعليم في القطاع الخاص.
         العاملين في مهنة التعليم في القطاع الأهلي.
         العاملين في مهنة التعليم العالي في القطاع العام.
         العاملين في مهنة التعليم العالي في القطاع الخاص.
         المتقاعدين من مهن التعليم أعلاه.
ثانياً : الإقرار الرسمي :
إنّ القرارات والممارسات الصادرة عن السلطات الرسمية ( التنفيذية ـ التشريعية ـ القضائية) تمتاز بالانسجام والتكامل، وليس التناقض والتعارض و/أو الانتقائية. وعليه فإنّ قرار وممارسات السلطة التنفيذية والتشريعية فيما يتعلق بالحق في تأسيس نقابات للعاملين والمهنيين قد أقرت إنشاء نقابات { المهندسين ـ الأطباء ـ أطباء الأسنان ـ المهندسين الزراعيين ـ الصحفيين ـ الممرضين} وباستعراض نصوص قوانين هذه النقابات وغيرها نجد أنّ عضويتها تشتمل على العاملين في القطاع العام المدني والعسكري والعاملين في القطاع الحكومي، وهذه الممارسة القانونية التشريعية والتنفيذية تعتبر حجة وإقرارا من  الإدارات الرسمية على نفسها لا يجوز إعماله في مهنة معينة دون أخرى فالالتزام القانوني (الدولي والوطني) لا يتجزأ.
ثالثاً :
وأخيراً  وليس آخراً نود التذكير بأنّ نقابة المعلمين كانت قائمة، وتمارس دورها كباقي النقابات المهنية ولكنها حلت بصدور الأحكام العرفية في نهاية الخمسينيات، والتي بموجبها حلت جميع النقابات ولما كان الحل لظرف سياسي فيفترض أن تعود الأمور إلى سابق عهدها أسوة بالنقابات الأخرى، لأن النقابات أصبحت حقاً مكتسباً .



مقتبسة
ربما اننا نتفهم المخاوف السياسية والديمغرافية من احياء نقابة للمعلمين على ذات الاسس التي كانت قائمة انذاك ولتجاوز هذه المخاوف من الممكن ان يعاد النظر في الامر لنحصر النقابة في الاطار المهني بعيدا عن سيطرة لون سياسي او قطاع ديمغرافي يحرفها عن اهدافها باتجاه قضايا خارج الحدود بعيدا عن المصلحة الوطنية ولهذا نرى ان يتحرك معلمو كل محافظة لانتخاب عدد متساوي من الاعضاء عن كل محافظة لاعداد النظام الداخلي لنقابة المعلمين ويراعي فيه كمباديء اساسية ان يتشكل المجلس العام من نقباء المحافظات بنسب متساوية ، ويكون لكل محافظة نقابة محلية وبهذا نتجنب السيطرة لاي لون سياسي او ديمغرافي على النقابة ، وقبل ذلك نود اولا ان ننسخ مواد الدستور المتعلقة بموضوع النقابة والتي يستخدمها كل طرف دعما لوجهة نظره ثم لنرى هل الطريقة الاجرائية التي ينتهجها المعلمون لاحياء نقابتهم سليمة وما هي البدائل الممكنة :



المادة 16


1- للأردنيين حق الاجتماع ضمن حدود القانون .


2- للأردنيين الحق في تأليف الجمعيات والأحزاب السياسية على أن تكون غايتها مشروعة ووسائلها سلمية وذات نظم لا تخالف أحكام الدستور .


3- ينظم القانون طريقة تأليف الجمعيات والأحزاب السياسية ومراقبة مواردها


المادة 23


1- العمل حق لجميع المواطنين وعلى الدولة أن توفره للأردنيين بتوجيه الإقتصاد الوطني والنهوض به .


2- تحمي الدولة العمل وتضع له تشريعا يقوم على المبادئ الآتية :


أ- إعطاء العامل أجرا يتناسب مع كمية عمله وكيفيته .


ب- تحديد ساعات العمل الأسبوعية ومنح العمال أيام راحة أسبوعية وسنوية مع الأجر .


ج- تقرير تعويض خاص للعمال المعيلين , وفي أحوال التسريح والمرض والعجز والطوارئ الناشئة عن العمل .


د- تعيين الشروط الخاصة بعمل النساء والأحداث .


هـ- خضوع المعامل للقواعد الصحية .


و- تنظيم نقابي حر ضمن حدود القانون


المادة 120


التقسيمات الإدارية في المملكة الأردنية الهاشمية وتشكيلات دوائر الحكومة ودرجاتها وأسماؤها ومنهاج إدارتها وكيفية تعيين الموظفين وعزلهم والإشراف عليهم وحدود صلاحياتهم واختصاصاتهم تعين بأنظمة يصدرها مجلس الوزراء بموافقة الملك .


المعلمون يعتمدون على المواد 16 و23 باحقيتهم باحياء نقابتهم فالعامل يعني ضمنا الموظف ولا يعقل ان يكون مفهوم العمل الوارد في الماده 23 مقصورا على القطاع الخاص او العامل فقط . بينما الحكومة تعتبر ان الماده 120 تعطيها الحق بمنع قيام نقابة المعلمين .


وعودة الى الموضوع فقد صاغ مجلس النواب الحادي عشر مشروع قانون لنقابة المعلمين بعد ان تقدم به المعلمون لوزارة التربية واجازه المجلس ولما رفع المشروع لمجلس الاعيان اثار احد الاعضاء دستورية الامر استنادا الى الماده 120 على اساس ان المتقدمين هم من موظفي الحكومة ولا حق لمجلس النواب باصدار اي تشريع يتعلق بهم . ومجلس النواب لم يشرع امرا يتعارض مع نص الماده 120 بل اعتمد نص المادة 23 فقرة " و " .


والمجلس العالي لم يضف جديدا حيث اكد ما اثاره عضو مجلس الاعيان بان التشريعات المتعلقة بعمل الموظفين كموظفين هو من اختصاص الحكومة . وبالتالي موضوع النقابة ليس من اختصاص مجلس النواب . وهنا نجد امرين : الاول :ـ هل قيام مجلس النواب بتشريع قانون نقابة امر يتعلق بالموظفين حصرا ام هو امر متعلق بمهنة عامة نجدها في القطاع العام بشقيه المدني والعسكري والقطاع الخاص وكذلك خارج الوطن التي تطلب مهن تعليمية من بلادنا . والامر الثاني حتى لوصح التفسير الاول فهل انشاء النقابة بنظام من قبل الحكومة نفسها يمنعه الدستور ؟ حيث نجد ان النقابات تقوم على اسس متنوعة : نوع العمل كالطب مثلا ،مكان العمل كنقابة عمال شركة الاسمنت ،الملكية كنقابة اصحاب محطات المحروقاب الخ . لهذا لو تقدم المعلمون في مختلف القطاعات بصفتهم اردنيون ويمارس التعليم في مؤسسات متعددة لوزير الداخلية بالموافقة على قيام نقابة لهم وممارسة نشاطها حسب نظامها الداخلي فان اجازها معالي الوزير تكون الخطوات قد اكتملت ،وان اعترض عليها وعلل اعتراضه يتقدم المعلمون بالطعن في قرار الوزير للمحكمة المختصة وهي الحكم النهائي .


ان العمل النقابي لا يتعلق ولا يحد من صلاحية الحكومة حسب منطوق الماده 120 . فالتنظيم النقابي لا يتعارض مع التشريعات الحكومية فالنقابة هيئة مستقلة من مكونات المجتمع المدني فليس من صلاحية النقابات تعديل مسمى موظف او ترقيته او نقله او تأديبه او زيادة او انقاص راتبه او اجباره على العمل او الزامه بالاعتصام ، فاي عضو في حزب او نقابة او جمعية او هيئة او رابطه او اتحاد او منظمة انما يمارس حقوقة حسب الدستور فقد اكون انا عضو في جمعية خيرية او رابطة او حتى حزب وفي الوقت نفسه موظف في القطاع العام والامثلة واضحة للجميع .


ان النقابات القائمة لا تمارس صلاحيات الحكومة فلا تنقل ولا تغير من واجبات أي موظف ولا يحق لها اصدار أي تشريع يتناقض او يتجاوز على صلاحية الحكومة في ادارة شؤون موظفيها فاذا كنت نقابي لا يعني ان للنقابة ولاية مطلقه علي كموظف او ان لها الحق في التدخل في واجباتي وعملي كموظف قد تطالب بحقوقي اذا تعرضت للظلم حسب القوانين والانظمة التي تسنها الحكومة نفسها . وتخوف الحكومة من ان النقابة سوف تسيطر على المعلمين العاملين لديها وربما تلزمهم بالاعتصام او الاضراب لقضايا مطلبية او سياسية فهو امر غير واقعي فالاعتصام لا يكون الا بالاتفاق الجماعي ورغبة من القواعد وليس باوامر عليا وما مجلس النقابة الا ناطق باسمهم وليس هو من يقرر ذلك ولا يمكن لمجلس النقابة ان يعاقب عضوا من اعضائه اذا لم ينفذ اعتصاما لهذا السبب او ذاك او يرغمه على امر خارج حدود نظامها ، ان للنقابة سلطة في حدود اخلاقيات المهنة ومصالح الاعضاء المشروعة وهذا من مصلحة الحكومة وليس تجاوزا لصلاحيات الحكومة وبدون نقابة قد يلجأ المعلمون للاعتصام فلا تجد الحكومة طرفا تتحاور معه ولا يمكنها وليس من مصلحتها مقارعة المعلمين ومطاردتهم في الشوارع ، الاحداث الاخيرة اذا فهمتها حقا فهي من تبادر الى احياء النقابة وبدون نقابة ستظل الفوضى قائمة ولا يمكن لنظام الخدمة المدنية او سواه ان يمنع المظلوم من الصراخ فالمعلم يدخل وينهي الخدمة دون ان يطلع على نظام الخدمة المدنية وانما يقرا يوميا الواقع فان توفر العدل سيعمل وان وقع عليه ظلم سينتفض والنقابة تكشف للحكومة خبايا ومكامن الخلل لان المراجع الحكومية دائما تجمل المر ولا اعتقد يوما ان مجلس التربية همس في اذن الوزير بكلمة عن واقع المعلمين وانا اجزم لولا جلالة الملك ووعي المعلمين لكانت امور كثيرة اثرا بعد عين .


ان المعلم قد يكون موظفا في الحكومة وفي القطاع الخاص داخل الاردن وخارجه كحال الاطباء تماما ،فليس من حق الحكومة ان تمنع افرادا لهم صفة مشتركة ومصلحة مشروعة في تاسيس تنظيم يحمي حقوقهم من الاعتداء ويحمي مهنتهم من الابتذال ويحافظ على حقوقهم المعنوية والمادية بنظام لا يتعارض مع القوانين المرتبطه بمجال عملهم فليس في نقابة اصحاب محطات بيع المحروقات ما يلزمهم بمخالفة قانون منع الاحتكار مثلا . .


في راينا ان الاعتراض على نقابة المعلمين ليست له أي مبررات مقنعة قانونيا ولا نرى تناقضا بين الماده 120 مع المادة 23 فلكل ماده غايتها ، اذا تقدم المعلمون بطلب سليم من الناحية الاجرائية والشكلية للمراجع المختصة لا اعتقد ان مجموعة من النشطاء يطلبون من وزير الداخلية تاسيس حزبا لهم، اولا يحددون نظامه ثم يتقدمون بطلب ترخيصه حسب الاصول . يجب ان ننتهي من اسلوب المطالبة الى اسلوب العمل .


هناك تعليقان (2):

  1. شي مقنع ولا حجة للحكومة

    ردحذف
  2. عبدالعزيز ابنيان23 يونيو 2010 في 10:11 ص

    في راينا ان الاعتراض على نقابة المعلمين ليست له أي مبررات مقنعة قانونيا ولا نرى تناقضا بين الماده 120 مع المادة 23 فلكل ماده غايتها ، اذا تقدم المعلمون بطلب سليم من الناحية الاجرائية والشكلية للمراجع المختصة لا اعتقد ان مجموعة من النشطاء يطلبون من وزير الداخلية تاسيس حزبا لهم، اولا يحددون نظامه ثم يتقدمون بطلب ترخيصه حسب الاصول . يجب ان ننتهي من اسلوب المطالبة الى اسلوب العمل .

    ردحذف

تعليق


منتدى يسعى لاحياء نقابة المعلمين في الاردن من خلال الوسائل السلمية

رسالة اللجنة

العمل على إحياء نقابة للمعلمين تحت ظل راية قائد الوطن جلالة الملك عبدالله الثاني حفظة الله ورعاةبحيث تساند المعلمين وتطالب بكافة حقوقهم وتهتم بتطوير المهنة ومهارات التعليم واساليبه وتعالج المشاكل والعقبات التي تواجهة المهنة والمعلم معاً